القائمة الرئيسية

الصفحات


دوركايم : الفرد والمجتمع


يشير أنطونى جيدنز إلى أن كتابات دوركايم لها دور هام فى الكشف عن التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المهمة التى ظهرت فى عصره فقد حاول دوركايم تقديم عرض فكري وتحليل سوسيولوجى ثقافى لانهيار عصر المجتمع الإقطاعى وظهور عناصر التحديث لنشأة وتطور المجتمع الصناعى الحديث.


دوركايم : الفرد والمجتمع
 

وتتميز كتابات دور كايم برفضها المثالية فيعتقد أن المجتمعات ليست سوى أنساق اجتماعية تتكون من تنظيمات أو مؤسسات اجتماعية باعتبارها تتكون من مجموعة من الأفراد والجماعات التى تسعى إلى تحقيق أهدافها فى البقاء والاستمرار،وقد استخدم دوركايم فى تفسيره للمجتمع عدد من المفاهيم والحقائق الاجتماعية مثل الوعى أو الشعور الجمعى الذى يعتبر الأفراد من خلاله أعضاء فى المجتمع وبعد ذلك استخدم دوركايم مفاهيم أكثر تطورا مثل الكائن الاجتماعى الذى يتكون من مجموعة من العلاقات المتداخلة للبناءات والتنظيمات المجتمعية.


إن الفكرة الرئيسية التى اهتم بها دوركايم فى تحليله للمجتمع هى تفسير شبكة العلاقات التى تشكل التنظيمات الاجتماعية التى تقوم أساسا على جوهر النظام الأخلاقى الذى يعتبر من أهم السمات والمقومات الأساسية لوجود المجتمع واستمراريته، كما ركز على تحليل دور بعض العوامل الهامة التى تؤثر على القواعد المعيارية والنظامية مثل الزيادة السكانية والتغيرات الاجتماعية المفاجئة مثل الهجرات والثورات والحراك الاجتماعى التى تؤدى أحيانا إلى تغيرات كبيرة ونتائج عكسية على الطابع الأخلاقى والتوقعات السلوكية فى أنماط العادات والتقاليد فى المجتمع. 

 

كما ساهم قيام الثورة الفرنسية فى إحداث تغيرات جوهرية وجذرية على النسق البنائى والاجتماعى والاقتصادى والسياسي والثقافى وما صاحب ذلك من ظهور العديد من المشاكل التى أثرت على النظام الاجتماعى وتنظيماته المتعددة تلك العوامل التى جعلت دوركايم يحلل طبيعة الواقع الاجتماعى والبيئة الاجتماعية التى يعيش فيها ويتأثر بها ويرى عدم ملاءمة البناءات التنظيمية التقليدية لعدم قدرتها على مواجهة المشكلات والتغيرات الاجتماعية التى ظهرت فى المجتمع ومن ثم كانت الحاجة ضرورية لوجود تنظيمات حديثة تلائم تلك المشاكل وتتكيف مع التغيرات الحديثة من أجل الحفاظ على النظام الاجتماعى وتماسكه.

ويؤكد دوركايم أن المجتمع الحديث أو الظروف الاجتماعية والصناعية والتى أدت إلى زيادة تقسيم العمل والتفاوت الاجتماعى وقلة فاعلية الوعى الاجتماعى والامتثال للقواعد المعيارية داخل التنظيمات الاجتماعية مثل الأسرة والتنظيمات الدينية وأجهزة الدولة والتنظيمات التجارية تتطلب تشكيل جديد من أنساق العلاقات الاجتماعية ونماذج من الأخلاق وأنساق المكافأة والجزاءات أو أنساق الضبط الاجتماعى ككل وهذا يتطلب تغيير جذرى فى البناءات التنظيمية ونوعية المؤسسات حتى تكون قادرة على إعادة بناء المجتمع الجديد على أسس من القواعد الأخلاقية ومن أجل نشر روح التضامن والشعور الجمعى فى المجتمع.

إميل دور كايم: التعليم والتضامن الاجتماعى


ينظر دور كايم إلى التربية باعتبارها نظام اجتماعي يؤثر ويتأثر بالنظم الاجتماعية الأخرى فى المجتمع ويؤكد على دور التربية فى اكتساب  الفرد للقيم والأفكار والمعتقدات والمعايير الاجتماعية الأساسية لمجتمعه من خلال عملية التنشئة الاجتماعية، ويرى دور كايم أن وجود القيم والأفكار والمعتقدات والمعايير الاجتماعية المشتركة إلى جانب عملية التكامل الناتجة عن التخصص يعمل على تحقيق النظام الاجتماعى.

ويرى دور كايم أن للنظام التربوى وظيفة مهمة فى تجانس المجتمع من خلال ما يقوم به هذا النظام من نقل قيم ومعايير المجتمع من جيل إلى جيل آخر ،وأن التربية تساعد  الفرد على إدراك ذاته الاجتماعية وتنظيمها لتفادى الصراع مع حاجاته الشخصية وذلك يتحقق من خلال التربية الأخلاقية .


ويعتقد دور كايم أنه لا يوجد نمط تربوى واحد لكل المجتمعات بل هناك أنماط تربوية مختلفة بقدر ما يوجد فى المجتمع من تباينات وأن التنوع المهنى الموجود نتيجة التخصص يحتاج إلى تنوع فى أنماط التربية ،والتربية من وجهة نظر دور كايم  عملية ديناميكية دائمة التغير تختلف من عصر إلى آخر ومن مرحلة تعليمية إلى مرحلة تعليمية أخرى.

ويشير دور كايم إلى أن المدرسة فى المجتمعات الصناعية المعقدة تؤدى وظائف لا يمكن أن تؤديها الأسرة ولا جماعات القرناء إذ تزود المدرسة الأفراد بالمهارات اللازمة للحياة الجمعية ،أيضا  يشير دور كايم إلى أن النظام التربوى يزود الأفراد المهارات المحددة الضرورية واللازمة للمهنة التى سوف يقومون بها فى المستقبل وهذه الوظيفة ضرورية فى المجتمع الصناعى الذى يتميز بزيادة تقسيم العمل المعقد.

 

دوركايم والانتحار

دوركايم: تقسيم العمل


المصدر
عبدالرحمن ،عبدالله محمد، الفكر الاجتماعى رؤية سوسيولوجية ، مطبعة البحيرة

تعليقات