التفاعلية الرمزية :افرنج جوفمان ،جورج ميد
إن أساس التفاعلية
الرمزية هو اللغة وهى رموز دالة تعبر عن عمليات التفاعل والاتصال المفهومة من خلال
خبرات الجماعة وسياق الفعل ولهذا يعتبر اكتساب الفرد لخبرة الجماعة فى النظام
الرمزى هو أساس قدرته على التفاعل، ومن أهم منظرى التفاعلية الرمزية جورج هربرت
ميد وافرنج جوفمان وتشارلز كولى.
أولا جوفمان
يعد جوفمان من أبرز المفكرين الذين ارتبطوا بمدرسة شيكاغو الأصلية كما تأثر بشكل كبير بأفكار جورج ميد مما جعله يركز على الذات بشكل كبير فى كتابه تقديم الذات فى الحياة اليومية والذى شكل العديد من أعماله اللاحقة.
وتتلخص فكرة جوفمان فى أن هناك تشابه كبير بين الأداء المسرحى وأنماط الدور الذى نقوم به جميعا فى تفاعلاتنا اليومية ونظريته الاجتماعية تهتم بالفرد وموقفه تجاه الآخرين وكيف يقدم نفسه وأفعاله لهم من خلال الحياة اليومية والطريقة التى يستطيع من خلالها التحكم فى انطباعات الآخرين عنه أثناء التفاعل الاجتماعى ،وهذه المبادىء هى نوع من التأليف المسرحى حيث الأداء لمواجهة الآخرين والتأثير عليهم .
فالتحليل المسرحى يتناغم مع جذوره التفاعلية
الرمزية ،حيث يركز على الفاعلين والفعل والتفاعل ووفقا للتفاعلية الرمزية وجد
جوفمان فى المسرح استعارة رائعة لتسليط الضوء على العمليات الاجتماعية الصغرى.
ويعتقد
جوفمان أن التعابير الجسدية والإيماءات ونوع الفعل هى مؤشرات حقيقية للمعنى وعى
الإنسان به يجعله يحاول تدبير تعابيره الحركية وأفعاله بطريقة تبدو أفضل محاولا
إخفاء الجوانب السلبية مما يجعل التفاعل الاجتماعى نوع من لعبة الانطباعات بين
المرسل والمستقبل ،طرف يحاول اكتشاف الحقيقة وطرف يحاول إخفائها وذلك يساعد فى
استمرار العملية الاجتماعية ،بحيث يحاول كل طرف من أطراف التفاعل حماية صورته
ويقدم أفضل صورة عن ذاته ويحاول كل إنسان فى عملية التفاعل أن يضع واجهة تحتوى على
رموز وإشارات تتناسب مع مكانة الدور.
انطلق جوفمان من مفهوم الذات من أجل معالجة الصلة بينها وبين تنظيم المجتمع ويتفق مع آراء ميد والتى مؤداها أن الذات هى كيان اجتماعى وجد خلال
عملية التفاعل الاجتماعى ،وأن الفرد لا يعى فقط "الآخر المعمم" وإنما هو
يستدمج القيم والاتجاهات السائدة فى محيطه الاجتماعى ويتعلم هذه القيم والاتجاهات
ويقدمها ضمن تكوينه النفسى بطريقة تمكنه من تطوير اتجاهاته الاجتماعية تلقائيا
وتنمية خبراته.
ويرى جوفمان أن الحياة
اليومية تشبه الحياة على المسرح حيث يحاول الممثل على خشبة المسرح تقديم
ذاته إلى الأفراد على أساس الدور الذى يمثله فى المسرحية لذلك يلجأ إلى العديد من
الحيل حتى يقتنع الجمهور بقدرته على تجسيد الشخصية التى يقوم بتمثيلها ويعتقد
جوفمان أن هذا ما يحدث بالفعل فى الحياة اليومية.
ثانيا جورج هربرت ميد
اهتم
جورج هربرت ميد بدراسة علاقة الفرد بالجماعة والمجتمع خاصة فيما يتعلق بعملية
التفاعل الرمزى داخل الجماعات الصغيرة وكيف يتم تشكيل الذات والعقل من جهة وتشكيل
ما هو اجتماعى ثقافى من جهة أخرى والعلاقة بين الجانبين وارتباط هذه العلاقة
بالسلوك الإنسانى.
فالفعل الاجتماعى سواء كان عملا أو قولا هو عبارة عن رمز لما يحتويه من معنى يحتاج إلى تفسير وهو يشكل الحقائق التى يحملها الناس لأنفسهم وللآخرين والمجتمع وما يحمل الناس من معانى لهذه الجوانب ويتصرفون وفقا لها حيث تصبح اللغة هى الأهم فى عملية التفاهم والتفاعل وهو ما يتعلق بتشكيل الذات ونضج العقل والوعى الاجتماعى. واهتم ميد بالعلاقة بين العقل والجسد وتفسير ماهية الإنسان
كما أول اهتمام كبير لأفكار كولى حيث قبل فكرته حول العلاقة بين الذات والمجتمع فاعتبرهما جانبين لعملية اجتماعية نفسية واحدة وأن عمليات التجمع والاتصال تمثل سياق خلاق لظهور الذات
وتتلخص أفكار جورج ميد الرمزية فيما يلى
أولا تقوم نظريته على كون
الذات والنفس البشرية هى المرآة التى ينعكس عليها المجتمع بكل أشكاله وتناقضاته
وتفاعلاته.
ثانيا
الذات لا توجد إلا فى علاقة مع جماعات اجتماعية لأن الفرد نفسه ينتمى إلى
بناء اجتماعى ونظام اجتماعى عام ولذلك كان العقل والذات وكان الوعى والفعل ظواهر
جمعية وليست فردية تشمل أدوات وعلاقات ونظم اجتماعية.
ثالثا
المجتمع هو وحدة ديناميكية متطورة تولد باستمرار أنماط جديدة ومتميزة لأساليب
التنشئة الاجتماعية للأفراد فالفرد كائن عقلانى ونتيجة للعلاقات الاجتماعية.
رابعا
تعتبر الرموز عوامل جوهرية لتسهيل الاتصال تعكس الحاجات الاجتماعية والرغبات
الفردية للإنسان من خلال وظيفتها الاجتماعية بهدف تحقيق التفاعل.
تعليقات
إرسال تعليق