مدخل النسق الأسرى
يعتمد هذا المدخل على
رؤية مشتقة بالأساس من أعمال تالكوت بارسونز والتى قدم خلالها مفهوم النسق حيث
لاقت فكرة النسق قبولا لدى رواد دراسة الأسرة من أمثال وليام أوجبرن وبيرجس حيث
فهمت الأسرة كوحدة أو مؤسسة متكاملة الأدوار لها علاقات ممتدة فى محيطها البنائى
العام ويقوم المدخل النسقى على مجموعة من القضايا أهمها
أولا يتكون المجتمع من أنساق
متفاعلة والنسق هو مجموعة من العناصر والمكونات المتفاعلة التى تحتفظ بعلاقات
منتظمة على البيئة المحيطة بها ومن ثم فإن أول خطوة للتعرف على طبيعة النسق هو
الكشف عن بناؤه الداخلى ورسم الخطوط الفاصلة بين المكونات الداخلية للنسق والبيئة
الخارجية.
ثانيا تتحدد علاقة كل نسق ببيئته
من خلال نظام للمدخلات والمخرجات تشير المدخلات إلى كل المؤثرات الخارجية على
النسق، أما المخرجات فتشير إلى كل الاستجابات التى يتفاعل بها النسق مع المؤثرات
الخارجية وهى ما يطلق عليها قواعد التحويل أى مجموعة القواعد التى تحكم فعل النسق
إزاء ما يستقبله من مؤثرات وتتفاعل الأنساق فى ضوء قواعد اجتماعية عامة ولكن
الأنساق تختلف فى قدرتها على تطوير قواعد جديدة وفقا لاختلاف درجة مرونتها.
وفى ضوء مفهوم النسق قدم ميوراى بوون نظرية الأنساق الأسرية خلال الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن العشرين وتعد نظرية بوون أول نظرية شاملة لنظريات النسق الأسرى حيث فى ضوء هذه النظرية قدم بوون تعريفا للأسرة على أنها مجموعة من الأفراد المتفاعلين الذين يرتبطون ببعض برابطة الدم والأزواج والذين يدعمون بشكل مستقل الوظائف من خلال أدوارهم داخل النسق الأسرى.
ولقد أكد بوون فى نظريته على التأثير العاطفى على علاقات الأسرة مؤكدا خلالها على أنها واحدة من أفضل الطرق التى تساعد الأسرة فى حل المشاكل الشخصية فمن خلال نظرية النسق الأسرى فإن أعضاء الأسرة يقومون بتكييف سلوكهم من أجل تحقيق التوازن والثبات فى نسق الأسرة.
وتقوم نظرية النسق الأسرى على مجموعة من الافتراضات تتمثل فيما يلى
أولا أن الكل أكبر من مجموع الأجزاء المكونة له وأن الارتباط القائم بين الأجزاء المكونة لأى نسق يؤدى إلى وجود خصائص جديدة فى النسق هى بالضرورة نتيجة لهذا الارتباط والاعتمادية المتبادلة بين الأجزاء المكونة للنسق.
ثانيا إن أى تغير يطرأ فى أى جزء
من أجزاء النسق يؤثر على بنية أجزاء النسق والنسق ككل.
ثالثا إن لكل نسق إطار مرجعى
محدد يحدد سلوك الأفراد داخل النسق ويقصد بالإطار المرجعى مجموعة العادات
والتقاليد القيم وكل ما من شأنه أن يحدد سلوك الأفراد داخل النسق لذا فإن تحديد
الإطار المرجعى يكون ضروريا لفهم الأنساق.
رابعا إن الأنساق يمكن النظر
إليها والتعامل معها على أساس أنها أنساق لها مواصفاتها الخاصة والتى تستحق الدراسة
والتعمق.
خامسا تفترض نظرية الأنساق أن
هناك نوعين من الأنساق هما الأنساق المفتوحة والأنساق المفلقة فالأنساق المفتوحة
هى التى يوجد فيها تفاعل دائم بينها وبين البيئة المحيطة، وتتميز هذه الأنساق بالنمو
المستمر أما الأنساق المغلقة فمصيرها الزوال لأنها تكون فى حالة سكون وليس لديها
القدرة على التفاعل مع البيئة الخارجية.
مفاهيم النظرية
أولا النسق ويشير إلى ذلك الشكل الذى
يتكون من أجزاء متداخلة فيما بينها ومعتمدة على بعضها البعض ،كما يشير إلى
مجموع المصالح والخواص المتصلة ببعضها البعض فى ظل وجود نظام مكون من أجزاء ويتميز
النسق بالتنسيق فى العمل والتكامل فى البنيان.
ثانيا الحدود وتعرف بأنها خط يكمل
امتداده دائرة كاملة حول مجموعة من المتغيرات بحيث يكون تبادل التفاعل داخل
الدائرة بين هذه المتغيرات أكثر من ذلك الموجود بين المتغيرات داخل الدائرة
وخارجها عبر حدود النسق، والحدود بهذا المعنى ما هى إلا خطوط وهمية لا وجود لها
وإنما تستخدم لتحديد نسق ما.
ثالثا التغذية المرتدة وهى عملية
التقويم التى تحدث للمخرجات والمدخلات التى يصدرها ويستوردها النسق أثناء عملية
تفاعله مع البيئة الخارجية فهى تنتج عن التفاعل وتساعد على نمو النسق واستمرار
تفاعله.
رابعا فقدان الطاقة يكون لدى كل نسق
مستوى محدد من الطاقة يستغله فى تفاعلاته الخارجية ويشير فقدان الطاقة إلى العملية
التى يبدأ فيها النسق فى تصوير طاقة أكثر من تلك التى يستوردها وبالتالى يقل ما
لديه من طاقة ويؤثر ذلك على توازنه ،كما يشير إلى تلك الطاقة الضائعة التى لا يقوم
النسق باستغلالها مما يؤثر فى قدرة النسق على تحقيق أهدافه بشكل فعال.
خامسا التوازن تسعى الأنساق إلى
التوازن بحيث لا تصدر ولا تستورد طاقة أكثر مما يجب لأنه فى حال اختلال الطاقة قد
يكون ذلك من أسباب فناء النسق.
سادسا الارتباط التفاعلى ويشير هذا
المفهوم إلى تلك العملية التى تتفاعل فيها الأنساق المختلفة بشكل تبادلى بينها
وبين البيئة بشكل عام فالتفاعل من أهم العمليات المطلوبة لاستمرارية النسق وتنمية
قدراته لتحقيق أهدافه ،كذلك تعد عملية التفاعل خاصية من خصائص الأنساق المفتوحة
بينما الأنساق المغلقة تواجه صعوبات فى عملية التفاعل وغياب تلك العملية من أسباب
انتهائها وفنائها.
تعليقات
إرسال تعليق