نظرية الصراع الاجتماعى
تستند نظرية الصراع
الاجتماعى على فكرة محورية مؤداها أن الصراع هو عنصر أساسى فى كافة التنظيمات
الاجتماعية وعلى طول تاريخ علم الاجتماع كان هناك من العلماء يدافعون عن هذه
النظرية أبرزهم اريت ملز ورالف دارندروف ولويس كوزر، ويمكن التعرف على المسلمات
الأساسية التى تستند إليها نظرية الصراع الاجتماعى من خلال استعراض تصورها للقوة
والسلطة ودور الروابط والتنظيمات ودور الصراع فى الحياة الاجتماعية.
أولا القوة والسلطة
يعد مفهوم القوة من
المفهومات الأساسية فى نظرية الصراع الاجتماعى والقوة تعنى إمكانية قيام فاعل معين
بتنفيذ إرادته بغض النظر عن عناصر المقاومة والمعارضة ويعنى مفهوم السلطة إمكانية
أن تجد إرادة القادة والحكام آذانا مطيعة مصغية فالسطة هى القوة الشرعية وهى
مرتبطة دائما بالأدوار الاجتماعية وانطلاقا من ضرورة السلطة والقوة فى الحياة
الاجتماعية، تفترض نظرية الصراع أن الناس إما أن يكونوا فى مراكز مسيطرة ومتحكمة
أو أن يكونوا خاضعين وتابعين للآخرين وهذا مصدر أساسى من مصادر الصراع الاجتماعى.
ثانيا دور التنظيمات والروابط
يذهب دارندوف إلى أن
الصراع والسلطة يشكلان عناصر أساسية فى كافة التنظيمات والروابط ذلك لأن الصراع
بين الأفراد غير هام بالنسبة للمنظور الاجتماعى أما التنظيم أو الرابطة وهو الذى
يعنى أى تنظيم اجتماعى يتواجد فيه أى شكل من أشكال السلطة فإنه يتكون من مجموعتين
أولئك الذين يملكون السلطة وأولئك الذين لا يملكونها وحينما تعى كل مجموعة من
هاتين المجموعتين مصلحتها الخاصة فإنها تتحول إلى جماعات مصلحة أو طبقات وتزداد
بالتالى احتمالات الصراع الاجتماعى فى الحياة الاجتماعية بين هذه الجماعات
المتعارضة المصالح ،ويتجه الصراع إلى أن يفرز حركة موجهة للتغير الاجتماعى المنظم
أو التوازن فى النسق الاجتماعى وسوف يحدث التوازن الاجتماعى نتيجة لذلك وسوف يتحقق
الاستقرار عبر الزمن.
ثالثا دور الصراع فى المجتمع
إن الصراع هو الميكانيزم الرئيسى الذى ينشط به المجتمع ويعنى أصحاب هذه النظرية بالصراع الاجتماعى مجالات واسعة ومتعددة من الحياة الاجتماعية هى دائما موضوع نزاع القيم والمصادر الاقتصادية والمكانة الاجتماعية والسلطة والقوة.
إن طبيعة
المجتمع بالنسبة لأصحاب نظرية الصراع الاجتماعى يتمثل فى أنه نظام ينهض على أساس
شكل من أشكال توازن القوى بين الجماعات والتنظيمات المتعارضة والمتصارعة وأنه لما
كانت الطبيعة الإنسانية سلبية إلى حد كبير فإن أغلبية الناس فى المجتمع تابعون
ومحكومون بواسطة القلة لكنه بحكم ندرة المصادر والامتيازات وقلتها تتطور خاصية
التنافس والصراع فى الطبيعة الإنسانية.
ومن الجدير
بالذكر أن نظرية الصراع الاجتماعى هذه تختلف عن التصور الماركسى لعملية الصراع
بوصفها صراعا طبقيا أساسا وباعتبار الصراع الطبقى هو محرك التاريخ فى المجتمع
الطبقى، إذ توسع هذه النظرية من مجال الصراع الاجتماعى الذى تراه ممكنا فى مجالات
متعددة مثل الصراع العنصرى ووالصراع الدينى والصراع السياسى وغير ذلك من أشكال
الصراع الاجتماعى المتعددة.
الصراع عند كارل ماركس
تستند نظرية ماركس على الصراع بين الطبقات الاجتماعية إذ يقول بأن تاريخ البشرية هو تاريخ الصراع الطبقى الاجتماعى والصراع الطبقى هو صراع بين طبقتين اجتماعيتين متخاصمتين هما الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة أو الطبقة المستغلة والطبقة المستغلة أو الطبقة القاهرة والمقهورة أو الطبقة الظالمة والمظلومة والصراع الطبقى يوجد فى المجتمع العبودى والمجتمع الإقطاعى والمجتمع الرأسمالى.
ويرى ماركس أن تاريخ البشرية لا يشهد
الصراع الطبقى الاجتماعى فحسب بل يشهد أيضا المآسى الصراعية والاقتصادية
والاستغلالية والاحتكارية التى ترافق هذا الصراع ،وأن أساس الصراع الطبقى فى
المجتمعات الثلاث هو العامل المادى فهناك طبقة تمتلك وسائل الإنتاج وطبقة لا تمتلك
وسائل الإنتاج بل لديها الجهود البشرية التى تبيعها بأجور زهيدة إلى طبقة أرباب
العمل.
ويعتقد ماركس بأن ملكية طبقة معينة لوسائل الإنتاج تمنح أفراد الطبقة المعنوية العالية والنفوذ الاجتماعى والاحترام والتقدير بينما عدم امتلاك الملكية من الطبقة الأخرى يجعلها مكسورة معنويا ونفسيا ولا تمتلك القوة والنفوذ الاجتماعى ،وأن هذه الحالة تولد ظاهرة الوعى الطبقى عند الطبقة المحكومة وهو الشعور والإحساس بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية الصعبة ،وأن هذا الوعى يولد الوحدة الطبقية ثم التنظيم الثورى بين أبناء هذه الطبقة الأمر الذى يدفع أفرادها إلى الثورة ضد الطبقة الحاكمة هذه الثورة التى تقود إلى سقوط المجتمع وتحوله إلى نمط آخر يتسم بالتقدم والتنمية على النمط السابق من المجتمع.
ويرى ماركس أن المجتمعات تتحول من مجتمعات عبودية إلى مجتمعات إقطاعية ومن مجتمعات إقطاعية إلى مجتمعات رأسمالية ومن رأسمالية إلى اشتراكية وهكذا تقود الظاهرة الطبقية إلى الظاهرة الصراعية وتقود الظاهرة الأخيرة إلى التغير أو التحول الاجتماعى.
عودة،محمود،أسس علم الاجتماع، دار النهضة العربية للطباعة والنشر
تعليقات
إرسال تعليق