القائمة الرئيسية

الصفحات


عبدالرحمن بن خلدون



ابن خلدون



ولد عبد الرحمن بن خلدون فى تونس فى 27 مايو 1332 واشتهرت أسرته بالعلم والجاه وتولى أعلى المناصب السياسية والإدارية والاقتصادية فى الدولة وتعلم ابن خلدون القرآن الكريم وتجويده كما درس العلوم الشرعية واللغات والأدب والبلاغة والفلسفة والعلوم الطبيعية والرياضية .


وهناك من يلخص سيرة ابن خلدون فى أربعة مراحل تتمثل المرحلة الأولى فى مرحلة الدراسة حتى سن العشرين فى تونس، وتتمثل المرحلة الثانية فى مرحلة العمل السياسى واستمر أكثر من عشرين عام، بينما تتمثل المرحلة الثالثة فى مرحلة التأمل والتفكير والتى قضاها للتأليف فى قلعة ابن سلامة واستمرت أربع سنوات أما المرحلة الرابعة هى مرحلة التدريس والقضاء حيث  عمل ابن خلدون بالتدريس فى تونس وامتدت هذه المرحلة حتى وفاته .


شكلت مجموعة العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمهنية التى عمل بها ابن خلدون إضافة إلى السفر والترحال نوع من المؤثرات الفكرية التى أثرت على أعماله حيث جاءت تنشئة ابن خلدون الاجتماعية فى بيئة اجتماعية وأسرية مميزة حيث اهتمت أسرته بتعليمه مختلف العلوم وهذا ما جعل ثقافته متعددة الاهتمامات.


كما عاش ابن خلدون فى فترة تتسم بالاضطرابات السياسية والتى عاشها فى بلاد شمال أفريقيا والتى ساهمت كثيرا فى تشكيل نمط تفكيره واستقطابه إلى العمل بمجال السياسة والتقرب المستمر من أصحاب النفوذ والسلطة كما ساهمت دراسته للتاريخ فى إلمامه بالأحداث التاريخية ووصفها ودراستها بصورة اجتماعية مرتبطة بالواقع الذى ظهرت فيه .


نشأة علم الاجتماع


يعد ابن خلدون أول من دعا لإنشاء علم جديد وهوعلم العمران البشرى والذى يمكن من خلاله التعمق فى دراسة الظواهر الاجتماعية وفحص وتحليل الأحداث بصورة صادقة واقعية ويؤكد ابن خلدون على أن طبيعة تكوين المجتمعات البشرية أو العمران ترجع إلى خاصية التعاون وسعى الإنسان إلى العيش مع الآخرين لإشباع حاجاته ومتطلباته الأساسية .


ويعتبر منهج ابن خلدون من أهم المناهج الاجتماعية والذى أقثر فى كتاباته وتحليلاته حيث أن المنهج هو الأداة التى يقوم الباحث عن طريقها بدراسة المشكلات والظواهر الاجتماعية وتحليلها بصورة واقعية ملموسة ويتكون المنهج عند ابن خلدون فى دراسته للظواهر الاجتماعية من مرحلتين أساسيتين هما مرحلة الملاحظة الحسية التاريخية للظواهر الاجتماعية ومرحلة دراسة العمليات الفعلية للظواهر المراد دراستها والكشف عن القوانين التى الظواهر الاجتماعية .


وحرص ابن خلدون فى نفس الوقت على الإستعانة بالمناهج الموجودة فى العلوم الطبيعية خاصة العلوم التى تستند فى عرض نظرياتها على الاستدلال المنطقى والعقلى وتقديم الفروض اللازمة لإثبات صحة تحليلها ورؤيتها للظواهر والأحداث .


واعتمد منهج ابن خلدون فى دراسة الظواهر الاجتماعية على مجموعة من القواعد المنهجية التى تشتمل على الشك والتمحيص والتشخيص المادى الدقيق ،ومعرفة أسباب الظواهر وطبيعة العمران ، واستخدام القياس والاستدلال بالشواهد ، وتفسير البيانات وتحليلها ، ثم التعميم والوصول إلى القوانين .


تطور الحياة الاجتماعية


تكمن أهمية تحليلات ابن خلدون ودراسته عن علم العمران البشرى أو الاجتماع الإنسانى فى تحديد ماهية هذا العلم ودراسته للظواهر الاجتماعية والعلاقات والسلوك الإنسانى الذى يخضع للتطور والتغير المستمر وساهم إلمامه بالتاريخ فى تناول طبيعة التغيرات التى تحدث فى المجتمعات والتركيز على مفاهيم سوسيولوجية مثل التطور والتقدم والانحلال والتدهور والتفكك والتبدل وغير ذلك من المفاهيم التى استخدمها فى كتاباته وتحليلاته فقد سبق ابن خلدون كثير من علماء نظرية التطور والنشوء والتى وجدت أول صدى علمى لها فى أفكار تشارلز دارون فى كتاباته عن أصل الأنواع.


وتتلخص أهم الأفكار والقضايا التى تناولها ابن خلدون واهتم فيها بالتطور عند دراسته للحياة الاجتماعية فيما يلى


تطور الحياة الاجتماعية عامة : يؤكد ابن خلدون على أن التطور لا يحدث فقط فى العالم الطبيعى بقدر ما يحدث فى العالم الاجتماعى وهذا ما تناوله عندما عالج قضية التطور التاريخى وعادات وتقاليد الأمم فجميعها لا يمكن النظر إليها على أنها أشياء ثابتة مستقرة بقدر ما تخضع للتغير والاختلاف من حال إلى حال كما يحدث هذا التغير أيضا مع الأفراد والمدن والدول ،ويركز ابن خلدون على العامل السياسى كعامل مسبب للتغير والتطور خاصة التغير الناتج عن تغير النظام السياسى وقياداته وسلوك حكامه وأفراده وأصحاب القوة والسلطة.


تطور الدولة : يرى ابن خلدون أن الدولة كنظام اجتماعى وسياسى يخضع للتغير والتطور ويمر بعدة مراحل أطلق عليها أطوار الدولة وحدد خمسة مراحل للدولة هى : مرحلة غلبة المدافع والاستيلاء على الملك وانتزاعه من أيدى الدولة السابقة ، ومرحلة الاستبداد والانفراد بالسلطة والملك ، ثم مرحلة الفراغ وتحصيل ثمرات الملك والسلطة، ومرحلة القنوع والمسالمة، ومرحلة الإسراف والتبذير والتى تصل فيها الدولة إلى مرحلة الانحلال والتدهور مما يهدد كيانها العديد من العوامل الداخلية والخارجية ثم تحتضر وتصل إلى مرحلة الفناء .


تطور الحضارة: اهتم ابن خلدون بدراسة تطور الحضارات وازدهارها ثم موتها وفنائها وذلك من خلال دراسته للحضارة الإسلامية وغيرها من الحضارات وساعده فى ذلك تحليله ورؤيته للأحداث والظواهر التاريخية كما ركز على كيفية تدهور الحضارة الإسلامية فى بغداد والأندلس نتيجة للعوامل السياسية الداخلية والخارجية.


تطور المجتمعات والحياة الاجتماعية من البداوة إلى الحضرية: من أهم التحليلات التى تناولها ابن خلدون دراسته لتطور الحياة الاجتماعية بتناوله لكيفية تطور المجتمعات والجماعات والأفراد من مرحلة البداوة إلى مرحلة التحضر ،حيث اهتم ابن خلدون بدراسة تطور الحياة الاجتماعية وأنماط العلاقات والسلوك والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى نمط الشخصية البدوية وتطورها وتغيرها بتطور أساليب المعيشة والاقتصاد والتخصص والتدرج المهنى .


كما قارن ابن خلدون بين طبيعة الحياة البدوية التى تتسم بالتلقائية والبساطة وما اتسمت به بالتعقيد والترف فى الحياة الحضرية كما اهتم ابن خلدون بنمط وطبيعة العمران والملبس والسكان ووسائل وأساليب المعيشة.





المصدر:
عبدالرحمن ،عبدالله محمد، الفكر الاجتماعى رؤية سوسيولوجية ، مطبعة البحيرة.

عبدالباسط عبدالمعطى،اتجاهات نظرية فى علم الاجتماع ، المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب، الكويت.

تعليقات