القائمة الرئيسية

الصفحات

البحث التاريخى

البحث التاريخى:أهدافه وإجراءاته


يعد البحث التاريخى من أقدم أنواع البحوث الاجتماعية ويمثل نموذج البحث الكيفى الأصيل لأنه يختار مشكلات نوعية ويعتمد على مادة كيفية ويستعين بأساليب التحليل الكيفى فى معالجة هذه المادة وفى نتائجه يميل إلى الطابع الكيفى .

البحث التاريحى                                       

ويعتبر البحث التاريخى من أكثر أنواع البحوث الاجتماعية تعقيدا وصعوبة وهو ما يتضح من اعتماده على مادة تاريخية يحصل عليها من مصادر ووثائق مختلفة ويراعى أن تكون معظم مادته هذه من مصادر أولية وهى نادرا ما تتوافر ويحتاج التنقيب عنها إلى جهد كبير والبحث فى أماكن مختلفة.

 

ويتطلب البحث التاريخى ضرورة تحقيب التاريخ وتقسيم الزمن الذى يغطيه البحث إلى فترات زمنية فرعية هذا إلى جانب صعوبات التحليل الكيفى للمادة التى تم جمعها من حيث الاختصار والعرض والاستنتاج لذلك ينفر منه الباحثين ويتجهون إلى ما هو أسهل فى مادته وتحليلاته.

 

والجدير بالذكر أن البحث التاريخى ينطوى على درجة عالية من المرونة بمعنى إمكانية تعديل وتبديل عناصره وخطواته وإجراءاته وذلك فى مقابل درجة التقنين والتحديد التى قد نلحظها فى أنواع البحوث الاجتماعية الأخرى.

 

أهداف البحث التاريخى

 

أولا فصل الماضى عن الحاضر

 

إن التصور الشائع للعلاقة بين الماضى والحاضر هو أن الماضى يفهم على أنه أشبه بعالم منفصل خاصة من الناحية الإمبيريقية والتصورية أو ينعزل عن الحاضر وفى إطار هذا التصور هناك فصل جذرى للماضى والحاضر ويفهم الماضى على أنه مصدر أو مورد حول التنظيمات الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية والسلوك الاجتماعى ويمكن أن يستفاد منه لأغراض البحث الاجتماعى ،ومن أمثلة هذا النوع من البحث التاريخى دراسة المجتمعات المسيحية فى القرن الثالث على أنها مثال على الطائفة الدينية أو دراسة بريطانيا فى أواسط القرن التاسع عشرعلى أنها حالة تمثل الرأسمالية الصناعية الكلاسيكية. 

 

ثانيا الاستمرارية بين الماضى والحاضر


إن البحث التاريخى قد ينظر إليه باعتباره صورة خاصة للبحث الاجتماعى حيث يهدف البحث على سبيل المثال إلى التعرف على وتحليل الأصول والمصادر والأسس والأسباب التى تقف وراء الظواهر الاجتماعية الجارية ،ومثل هذا البحث يحتاج إلى أن نسير بعناية لكى نتجنب فهم الأصول المضللة كما يبدأ ببساطة خلال الزمن وفهم الأصول باعتبارها تفسيرات سببية فقد تكون هناك مجموعة واحدة من العوامل هى المسؤولة عن ظهور موقف معين إلى الوجود بينما قد تعمل مجموعة مغايرة تماما من العوامل على استمرارها وبقائها.


ويمكن القول أن هناك أهداف يسعى إليها البحث التاريخى فى العلم الاجتماعى تبلورت بناء على تصور العلاقة بين الماضى والحاضر بحيث أن التسليم بأن الماضى منفصل عن الحاضر تجعلنا نعتبر التاريخ مصدرا يوفر لنا أمثلة وعينات وحالات يمكن الإستفادة منها فى البحث التاريخى وفى بناء تعميمات أو اختبار فروض  حول ظواهر اجتماعية عديدة.


ومن ناحية أخرى إن التسليم بأن الحاضر استمرار للماضى يجعلنا نعتبر العالم الاجتماعى الذى نعيشه اليوم تكرار لما حدث وأن الظواهر الاجتماعية ظواهر تاريخية فى طبيعتها ويتطلب فهمها البحث عن جذورها فى الماضى وتحليل أصولها ومصادرها وأسسها وأسبابها.


الإجراءات المنهجية فى تصميم البحث التاريخى


يقصد بالإجراءات النهجية مجموعة الخطوات والمراحل والعمليات والأساليب التى لابد منها فى وضع تصميم مناسب لهذا النوع من البحوث وهى إجراءات يتوقع أن تكون مغايرة لما هو متبع من إجراءات فى تصميم الأنواع الأخرى من البحوث الاجتماعية من حيث اختلاف الموضوعات والقضايا والأهداف التى يسعى إليها هذا البحث.


أولا صياغة مشكلة البحث التاريخى فى صورة فروض


إن الأمر يتطلب العناية بتحديد مشكلة البحث وصياغتها على نحو يساعد بعد ذلك على السير فى الإجراءات المنهجية الملائمة لتصميم البحث التاريخى وهنا تجدر أهمية الإشارة إلى المسلمات التى يستند إليها البحث باعتبارها أحد خطوات تحديد المشكلة فهل ينطلق البحث من التسليم بأن الماضى الذى يدرسه منفصل عن الحاضر أم أن الحاضر استمرار للماضى، ففى الحالة الأولى يعتبر الماضى بمثابة مستودع من الحالات والعينات التى يمكن الاستدلال بها على صحة فرض يعبر من خلاله عن الموضوع الذى يهتم بدراسته ،وفى الحالة الثانية التى يعتبر فيها أن الحاضر استمرار للماضى ويحاول البحث عن الأسباب والأصول التى تقف وراء الظاهرة موضوع الدراسة فإنه مضطر إلى التعبير عن العلاقة بين هذه الأسباب والظاهرة المدروسة فى صورة فروض والتحقق من هذه الفروض.


ثانيا تحديد المدى الزمنى للبحث وتقسيمه إلى فترات


إن الماضى يمتد فى الزمن لقرون أو لآلاف السنين ولذلك كان من الصعب فى البحث التاريخى ودراسة هذا الماضى استيعاب كل هذه السنوات وكان من المنطقى أن يعمل كل بحث تاريخى على تحديد مدى زمنى ملائم لإمكانيات القائم على البحث والموضوع الذى يدور حوله البحث التاريخى. 


ثالثا التنقيب عن البيانات ومادة البحث والتأكد من صحتها


يشار إلى المنهج التاريخى فى إطار العلوم الاجتماعية باعتباره الأساليب التى تحاول التنقيب عن مجموعة متباينة من مواد المصادر والبيانات وهى أساليب التحليل التى يتم الاستفادة منها داخل علم التاريخ كنظام فكرى ويتم استخدامها فى البحث الاجتماعى .


ويهدف المنهج التاريخى إلى تقدير المعنى وقراءة رسالة الأحداث التى يرتبط خلالها الناس والأحداث ببعضهما الآخر على نحو له معناه وتفسير ملامح الزمن الماضى والنظر فيما قد يعتبر مجرد حدوث لمصير غير معلوم فى شكل مبدأ أو قانون والبحث التاريخى يعتمد على المصادر الموثقة والتى تشمل مصادر تعتمد على وثائق رسمية منشورة مثل وثائق الحكومة وإداراتها المختلفة والنصوص التشريعية والأحكام القضائية ومصادر غير رسمية مثل خطابات الأفراد وعقود الإيجار ووثائق السفر والخرائط والإعلانات التجارية.


رابعا التحليل الكيفى لبيانات البحث التاريخى


وهنا يتم تحليل البيانات فى ضوء خطة وأساليب التحليل المعروفة فى البحث الاجتماعى وفى البحث التاريخى يتم الاعتماد على أساليب مثل اختصار البيانات وعرض البيانات فى صورة مصنفة أو مقارنة ثم استخلاص النتائج والتحقق منها وإذا كان تحليل البيانات فى البحث التاريخى ينتهى باستخلاص نتائج محددة فإن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل يتطلب تفسيرا للنتائج طبقا للقواعد المعروفة للتفسير.

 

البحث الوصفى

البحث الاستطلاعى


المرجع 

جلبى،على عبدالرازق،تصميم البحث الاجتماعى ،دار المعرفة الجامعية،الاسكندرية

تعليقات